يعتبر الانجذاب للأرجل/حبّ الأرجل/عشق الأقدام من أكثر ثلاثة ميولات جنسيّة خارجة عن المألوف إلى جانب الشّعر واليدين، وهو أوّلها وأكثرها شيوعا بمختلف مشتقّاته: سواء كانت الأقدام في حدّ ذاتها، أم الأحذية والجوارب والنّايلون، أم الحالة التي عليها الأقدام كأن تكون نظيفة أو خالية من الرّائحة أو عكس ذلك أو تكون ملطّخة، أو أن تكون مرافقة للطّعام كالكعك والشوكولا وغير ذلك، أو الأفعال المرافقة لهذا الانجذاب كاللّمس والتقبيل والشّم واللّحس والمصّ والعضّ والدّغدغة والتدليك أو المداعبة بالأعضاء الجنسيّة وحتّى الضّرب أحيانا.
تعتبر فتشيّة الأقدام أو "الفوت فيتش" من الميولات الجنسيّة الأكثر إثارة للجدل في العالم وذلك لعدّة أسباب لعلّ أهمّها:
ــ كونها تتضمّن إنجذاب شخص ما للأقدام رغم أنّ الأقدام ليست عضوا جنسيّا متعارفا عليه في علاقة بالانجذاب.
ــ كون بعض أصحاب هذا الميول لا يشاركون غيرهم أحيانا الانجذاب للأعضاء الجنسية المتعارف عليها، وإن كان هؤلاء أقلّية حتّى في مجتمع عشّاق الأقدام.
ــ كون الأقدام، خاصّة في المجتمعات الذكوريّة، تمثّل الانحطاط والذلّ، وعليه ترى هذه المجتمعات الانجذاب إليها من باب غرابة الأطوار والشّذوذ.
ــ كون عشق الأقدام أمرا مسكوتا عنه في أغلب المجتمعات، وإن كان معروفا عن بعض المشاهير والأعلام أنّهم أصحاب هذا الميول.
ــ كون "الفوت فيتش" دارجا وشائعا أكثر ممّا يضنّ أغلب النّاس، إلاّ أنّ أصحابه غير معروفين بالتصريح به بسبب انغلاق المجتمع وتخلّفه (كون الميول غير مألوف، كما ذكرت).
ــ كون البعض يخلط بين عشق الأقدام والخضوع الجنسي والحال أنّهما مختلفان اختلاف الجبن عن الطّباشير، وإن كان بعض الخاضعين جنسيّا يمارسونه من باب الإذلال، ولكن ليس من باب حبّ الأرجل في حدّ ذاته... وقد يختلط كلاهما عند الشّخص الواحد، وقد يضطرّ صاحب ميول عشق الأقدام لممارسة الخضوع باعتبار أنّ المسيطرات/المسيطرين من الأشخاص القلائل الذين لا يمانعن أن تكون أقدامهنّ وسيلة من وسائل المتعة في الجنس، وهو أمر غير منصوح به... فلا يجوز فرض ميول ثان على النفس لمجرّد الحصول على الميول الأوّل، خاصّة لما يمثّله الخضوع أحيانا من مخاطر جسديّة ومعنويّة ومجتمعيّة، ولست أتحدّث هنا عن الأشخاص الذين يمارسونه بمسؤوليّة وفهم، وإنّما عن هؤلاء الذين يخوضون التجربة من قبيل الجهل ويقعون في المتاعب نتيجة لذلك.
ــ كون انجذاب البعض من أصحابه إلى أقدام الجنس المماثل لهم، دون الانجذاب لذلك الجنس على وجه التّحديد، إذ أنّ الكثير من النّساء يحببن أقدام نساء أخريات ولكن لا يرغبن غير ذلك من النّساء، وكلّ ما عدى ذلك من الوظائف الجنسيّة تكون عاديّة يقمن بها مع الجنس الآخر دون رغبة في ممارسة السّحاق، ويمكن قول الشيء نفسه بالنسبة للرّجال، إلاّ أن يكون شخص ما ثنائي الميول الجنسيّ، عندها يكون الانجذاب إلى الجنسين والأقدام الأنثويّة والذكوريّة على حدّ السّواء تلقائيّا ومتلازما، علما وأنّ الصّفة المنشودة في الأقدام سواء أكانت لأنثى أو لذكر هي الأنوثة، وجميعهم ينفرون من علامات الذكورة فيها كالشّعر، وقد يصبح طلاء الأظافر شيئا لازما لإبراز صفة الأنوثة... إلاّ في بعض الحالات التي يكون فيها عاشق/عاشقة الأقدام منجذبا إلى صفة الرّجولة فيها، وهؤلاء قلائل.
ــ كون عشق الأقدام أمرا حاضرا بكثافة في الأفلام والمسلسلات خاصّة في الفترة الأخيرة.
ــ كون الجنس كموضوع في حدّ ذاته أمرا مسكوتا عنه من باب العيب، خاصّة في المجتمعات الشّرقيّة.
كلّ هذه العوامل قد تشكّل صعوبات اجتماعية وحياتيّة لصاحب الميول، ولكنّ التحدّي الأكبر في هذه الحالة هو العثور على شريكة منفتحة ومتقبّلة ومتفهّمة.
وقد حاول الكثيرون على مرّ تاريخ العلم الحديث تفسير الظاهرة والبحث عن مسبّباتها، وإليكم بعض الفرضيّات:
ــ يقول عالم النّفس "سيغموند فرويد" أنّ "الفوت فيتش" يمكن أن يفسّر بالتشابه بين أصابع القدم والعضو الذكري (ولا أرى بصراحة أين يكمن هذا التشابه، ولكنّه رأي شخصيّ على أيّ حال) ولأنّ الصّبية منذ سنينهم الأولى يخافون فقدان أعضائهم الذّكريّة، فإنّهم يتّجهون أحيانا إلى إعطاء قيمة ومعنى لكلّ ما يشابهها في اللاّوعي... ويقول كذلك بأنّ أوّل ما ينجذب إليه الصبيّ صاحب "الفوت فيتش" هو أصابع أقدام أمّه إذ يرى فيها القضيب الذي يظنّ أنّ أمّه فقدته لتصير امرأة... ولكنّ هذا الرّأي مدحوض لا محالة لأنّ هذا التفسير لا يصحّ على الفتيات والنّساء ذوات هذا الميول، إذ لا أعضاء ذكريّة لهنّ ولا خوف على فقدان ما ليس لهنّ... وعليه فإنّ هذا الرّأي يبقى اجتهادا فرويديّا (وتعسفا، إذا شئتم) لا غير.
ــ يرى بعض العلماء أنّ حبّ الأقدام يكون من باب المازوخيّة والخضوع وذلك للدّلالة الحضاريّة للأقدام التي ترمز إلى القذارة والسّفالة وغير ذلك من المعاني المجتمعيّة القروسطيّة المرتبطة بالأرجل... وقد يصحّ هذا الرّأي في الفئة القليلة التي تأخذ الأمر كوسيلة أو كمظهر لممارسة الخضوع الجنسيّ، ولكنّ ذلك لا يصحّ على الأغلبيّة السّاحقة لأصحاب الميول، لأن الأغلبية من أصحاب هذا الميول لا يحبون الأقدام المتسخة.
ــ يرى بعض المؤرّخين أنّ سبب هذا الميول إنّما هو خوف تاريخيّ من الأمراض المنقولة جنسيّا، فيلجأ الكثيرون لجنس الأقدام كنوع من الجنس الآمن. ويستدلّ المؤرّخون على ذلك بأنّه كلّما ظهرت عدوى الزّهريّ أو الكلاميديا والسّيلان أو غير ذلك من الأمراض المنقولة جنسيّا، ظهرت معها موجة جديدة من "الفوت فيتش" وصار الأمر مقبولا أكثر ثقافيّا وحضاريّا، وكلّما تراجعت العدوى وعاد الانجذاب إلى الجنس الدّارج، عاد النّفور من الميول ومن أصحابه... وهو رأي قد يكون صحيحا بالنّسبة للبعض، ولكنّ الحال أنّ أغلب أصحاب هذا الميول يذكرون انجذابهم للأقدام منذ الطفولة المبكّرة، وإن لم يكن الأمر جنسيّا صرفا في بدايته، فقد يتطوّر ويتحوّل لذلك فيما بعد.
ولكنّ أكثر الفرضيّات واقعيّة وأقربها إلى الحقيقة اكتشاف الدّكتور "فيلايانور راماتشاندران" (عالم أعصاب أمريكي من أصل هندي) الذي عثر على تفسير علميّ للمسألة التي لطالما اعتبرها أطبّاء النّفس العرب للأسف مرضا نفسيّا وشذوذا (وطبعا، لا تفسير علمي لتصنيفهم ذاك ولن يقدموا لك مصدرا واحدا... فقط مزاج و'جدعنة' منهم)، فحبّ الأقدام، وإن كان إلى حدّ السّاعة مصنّفا على أنّه "بارافيليا" أي ميول جنسيّ غير مألوف، قد يكون بسبب اختلاف عضويّ في تركيبة الدّماغ والبنية العصبيّة لصاحب الميول... فقد قال أحد مرضى الدّكتور للدّكتور أنّه يشعر باللذّة الجنسيّة من قدمه، بالرّغم من أنّها كانت مبتورة، ممّا يعني أنّ المريض مصاب بخلل عصبيّ اسمه "العضو الطّيف"، وهو خلل يتسبّب في عدم وعي الدّماغ بنقصان العضو/الطّرف أو ببتره ممّا يجعله يخيّل لصاحبه أنّ الطرف موجود ويمكن الشّعور به والإحساس بالألم والمتعة عبره بالرّغم من أنّ صاحبه يرى بأمّ عينه أنّ الطرف غير موجود أصلا.
وبالفعل قام الدّكتور بدراسة اكتشاف عالم آخر اسمه "وايلدر بينفيلد" والذي قام برسم خارطة لمناطق الدّماغ في الخمسينات تضع منطقة التحكّم والشّعور بالقدمين بجانب المنطقة المسؤولة عن الإثارة الجنسيّة، فاستنتج الدّكتور راماتشاندران أنّ عشق الأقدام قد يكون سببه تداخلا بسيطا بين المنطقتين في الدّماغ ممّا يتسبّب في امتزاج السيالة العصبية لهما، مما ينتج الانجذاب إلى القدمين كعضو جنسيّ، وهو على أيّ حال أمر لا يجعل من صاحبه مريضا نفسيّا أو حالة عصبيّة، بل يعتبر نوعا من التّفضيل كأن يفضّل أحدهم النّوم على بطنه عوض ظهره أو أن يكون أحدهم أعسر، وغير ذلك من إملاءات سببها تداخل الإشارات العصبيّة في الدّماغ... فهو إذن تفضيل جنسيّ كهؤلاء مثلا الذين لا يشعرون بالمتعة الجنسيّة إلاّ مع الشّقراوات أو السّمراوات أو الصّهباوات، أو اللاّئي يفضّلن الرّجال ذوي القامة الطّويلة والشّعر الأسود وغير ذلك... إلاّ أنّ الأمر متفاوت بين الشّخص والآخر، فكما يفضّل أحدهم الجنس مع الشّقراوات ولكنّه لا يمانع السّمراوات ستجد صاحب فيتيشيّة الأقدام الذي لا يمانع ممارسة الجنس الدّارج ويستمتع به... وبالقياس، كما يوجد ذاك الذي لا يمكنه الاستمتاع جنسيّا إلاّ مع السّوداوات، ستجد ذاك الذي تنحسر متعته الجنسيّة في الأقدام فحسب.
أمّا على المستوى العملي، فلعشق الأقدام مزايا عديدة منها:
ــ الأمان من الأمراض المنقولة جنسيّا دون وسائل حماية.
ــ الأمان من الحمل دون حبوب أو حقن.
ــ ليس له تبعات فيزيولوجيّة (كفقدان العذريّة بالنّسبة للفتيات) أو عضويّة.
ــ على عكس الشّائع من الآراء، يعتبر العرق الذي تفرزه الأقدام نظيفا ومعقّما لأنّه متكوّن من الماء والملح فحسب، ولكنّ سبب الرّائحة المعروفة في الأرجل هو الباكتيريا الموجودة على الأقدام، وهي أقلّ ضررا من الباكتيريّات الشائعة التي تعلق في طعامنا وتمرّ عبر أجهزتنا الهضميّة، وهناك معلومة غير مؤكّدة ولم آخذها على محمل الجدّ لعدم وجود مصدر علميّ دقيق لها تقول بأنّ تعرّق الأقدام (عند النساء) يحتوي على مادّة منشّطة جنسيّا، وهو أمر قد يؤكّده عشّاق الأرجل عمليّا ولكن العلم مازال لم يثبت هذا الأمر بعد، ولذا نبقي حيّز الشك بيننا وبين هذه الفرضية.
ــ طريقة جديدة للتعبير عن الحبّ للشريك.
ــ فسحة جديدة لممارسة نوع جديد من الجنس بوسائل وطرق متعدّدة لا يوفّرها الجنس الدّارج، كما أنّه قد يمارس من باب "تغيير الجو" والتجديد.
ــ فضاء للإبداع الجنسي و"الشبق الخلاّق"، وكما تقول عارضة أقدام معروفة: "يمكن أن تملّ من مهبلها وقضيبه ولكن لا يمكنك أن تملّ أبدا من قدميها." وذلك لأنّه مثلا يمكن تغيير طلاء الأظافر باستمرار، كذلك وضع خواتم أصابع القدم والخلاخل، وكذلك الأحذية والجوارب، إضافة إلى الأشياء الكثيرة التي يمكن فعلها بزوج واحد من الأقدام.
وقد قدّست عدّة حضارات قديمة الأقدام، ففي الهند مثلا يعتبر لمس الأقدام دليلا على الاحترام، وارتبطت مقاييس الجمال والأنوثة بها في حضارات أخرى كالصّين مثلا التي كان يعتقد فيها في السّابق بأنّ الفتاة ذات القدمين الصّغيرتين أكثر إثارة من غيرها ممّا تسبّب في ظاهرة "ربط أو عصب الأقدام" وهي ظاهرة وإن كانت تتحكّم في حجم الأقدام فإنّها تشوّه شكلها وتكوينها العظمي أيضا لذا لا ينصح أحد باعتمادها، كذلك في كوريا قديما، كانت النساء لا يكشفن أقدامهن إلا لأزواجهن لوعيهن بالمعنى الجنسي للأرجل... وقد كتب الأديب الإغريقي فيلوستراتوس ما يزيد عن 64 رسالة حبّ تتغنّى بالأقدام وبجمالها وكان ذلك في القرن الثاني للميلاد... وأمّا غيره من أهل الأدب الذين يشاركونه ميوله فنذكر منهم شاعر ألمانيا الشهير ومخترع التّراسل الجنسيّ... يوهان فولفغانغ فون غوته الذي عاش في القرن التاسع عشر، ومن الطرافة بمكان أنّ أوّل موضوع تراسل فيه مع عشيقته هو حبّه للأقدام... وكانت عشيقته تسمّي عضوه الذكري على سبيل المزاح بالسيّد "شونفوس" وهو لفظ ألمانيّ يعني القدم الجذّابة ... وشاعر إيطاليا الذي ذاع صيته، جاكومو كازانوفا الذي سبقه بقرن، كذلك شاعر روسيا البطوليّ ألكساندر بوشكين والأديب الذي يقرأ له الجميع اليوم، العملاق فيودور دوستوييفسكي، وشاعر إيرلندا الفذّ، الرّائع جايمس جويس الذي له نوادر كثيرة في الجنس منها أنّه كان يتنكّر بزيّ قرصان ويقنع السيّدات بأنّه ربّان سفينة قراصنة إذ أنّ النّساء كنّ في تلك الفترة ينجذبن إلى القرصنة والمغامرة التي توفّرها، وكان يمارس معهنّ الجنس على متن مركب أعدّه للغرض... وغيرهم كثر.... وأمّا من أهل الفنّ، فملك "البوب" إلفيس بريسلي كان ينتقي معجباته اللاّئي يريد النّوم معهنّ استنادا لجمال أقدامهنّ، والمغنّية بريتني سبيرز والمغنّي فاريل ويليامز وملك الرّكح إنريكي إيغليسياس... وأمّا في مجال السّينما فأذكر على السبيل الذكر لا الحصر المخرج كوينتين تارانتينو الذي تظهر أغلب أفلامه مشاهدا تتعلّق بحبّ الأرجل، والممثّلون كريستيان سلايتر ودايفيد بورياناز ومغني الراب لوداكريس... أفكلّ هؤلاء المبدعين والنّوابغ مرضى والشّيخ فلان والدّكتورة النفسية فلانة هما السويّان؟ لا أعتقد ذلك.
دينيّا، لا يوجد مانع يحول بينكم وبين الأقدام، ومع ذلك يحرّمون ويحلّون ما يشاؤون. وإن التحريم هنا قائم على أساس أن الأمر فيه شرك ومناقض للعقيدة، ولكن من قال لهم أن الأمر عقائدي أصلا؟
وعلميّا، ليس التعلّق بالأقدام مرضا كما أكّدت لكم، ولكنّهم بالرغم من ذلك يخبرونكم بأنّكم مرضى نفسيّون
وبإمكان الجميع التثبّت من صحّة كلامي مادام محرّك "الجوجل" وأدمغتكم في حالة نشاط.
دينيّا، لا يوجد مانع يحول بينكم وبين الأقدام، ومع ذلك يحرّمون ويحلّون ما يشاؤون. وإن التحريم هنا قائم على أساس أن الأمر فيه شرك ومناقض للعقيدة، ولكن من قال لهم أن الأمر عقائدي أصلا؟
وعلميّا، ليس التعلّق بالأقدام مرضا كما أكّدت لكم، ولكنّهم بالرغم من ذلك يخبرونكم بأنّكم مرضى نفسيّون
وبإمكان الجميع التثبّت من صحّة كلامي مادام محرّك "الجوجل" وأدمغتكم في حالة نشاط.
خلاصة القول أيّها الأصدقاء، لا خطب بكم، أنتم فقط مختلفون عن المألوف، وهو أمر يجب أن تفتخروا به في زمن يتشابه فيه الجميع حتّى تغيب عنهم إنسانيّتهم فيصيرون كالغنم.
عاشت الأقدام!
عاشت الأقدام!